المحامي منيف العجمي
الإنسان قبل إسلامه يكون تائه الخطوات، لا تحكمه الضوابط، ولا تردعه الأخلاق، ولا يستشعر الرقيب في أفعاله، فيصدر منه ما لا تحمد عقباه، إلا أنه هناك سؤال ونحن أمام هذه الحالة، هل يكون الإنسان في هذه الحالة غير قادر على الحكم على أفعاله أخير أم شر؟ لا وألف لا، فهو يعرف أنه على الخطأ، لكن قد تكون هناك عديد من الموانع التي تمنعه من اتباع الحق، وهذه الموانع قد تكون داخلية (نفسية) تتعلق بالشخص نفسه، وقد تكون خارجية كمنصب أو جاه أو مال.
المانع الذاتي الذي قد يجعل الإنسان معرضًا عن الإسلام هو الخوف من عدم القبول لدى الله عز وجل، فالإنسان في حالة البعد عن الله سبحانه وتعالى يكون في حالة من التخبط النفسي التي لا تؤهله للحكم على الأمور الحكم الصحيح، ولا يحسن تقدير عواقب الأمور.
وبالتالي فمن واجب الداعية مراعاة ذلك عند دعوته إلى الله عز وجل، فالمدعو قد تكون أرهقته الذنوب التي اقترفها ويريد مخرجًا مما هو فيه لتستقيم حياته، وهنا لا يكون أمامه سوى الإسلام.. ولكن هل يوجد من يحسن عرض الإسلام عليه ليخرجه من الظلمات إلى النور، ويسلم حياته مجددًا إلى الله عز وجل، ويستسلم إلى فطرته التي فطره الله عليها.
أتذكر هنا قصة للأخت عائشة الكينية، وهي من أشهر المهتديات اللاتي أجرت معهن الشاشات العالمية اللقاءات حول قصص إسلامهن.
لقد اعتنقت عائشة أكثر من 10 ديانات، ولكنها لم تجد سبيلها فيها، وعرض عليها أن تكون راهبة خريجة الفاتيكان معقل النصرانية بإيطاليا، لكنها لم تجد هذا الأمر يتناسب مع فطرتها، وعاشت حياة التخبط والتيه سنوات طويلة، إلى أن وجدت نفسها- بعد الثراء الفاحش والحياة المادية الرغدة- في مصحة للأمراض العصبية باستراليا للعلاج، وحاولت الهرب أكثر من مرة، وفي إحدى الليالي وجدت برنامجًا يتحدث عن الإسلام، فتعرفت قليلًا على الإسلام، وهي على ما هي عليه، وبينما كانت في زيارة لأحد أقاربها من المسلمين، وجدت عنده المصحف المترجم وأخذت تتصفحه إلى أن وقعت عيناها على الآية القرآنية {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}، فأسلمت.
وهذا يذكرنا بما ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى وحشي قاتل حمزة يدعوه إلى الإسلام، فأرسل إليه وحشي: يا محمد، كيف تدعوني إلى دينك وأنت تزعم أن من قتل، أو أشرك، أو زنا يلق أثامًا، يضاعف له العذاب يوم القيامة، ويخلد فيه مهانًا. وأنا قد صنعت ذلك فهل تجد لي من رخصة؟! فأنزل الله عز وجل {إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا}، فقال وحشي: يا محمد، هذا شرط شديد: إلا من تاب، وآمن، وعمل عملًا صالحًا، فلعلي لا أقدر على هذا! فأنزل الله عز وجل: {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء}، فقال وحشي: يا محمد، أرى بعد مشيئة، فلا أدري يغفر لي أم لا! فهل غير هذا؟ فأنزل الله عز وجل {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}، فقال وحشي: هذا. فجاء فأسلم.. قال عليه الصلاة والسلام: هي للمسلمين عامة.