محمد أسعيدة
لم يكن الإسلام يومًا دين غلو أو تطرف بل كان على عبر التاريخ دين السماحة والتعايش السلمى حتى مع من نختلف معهم فى المذهب أو المعتقد، فالإسلام دين الاختلاف الواعى والبناء وتقبل الآخر بكل رحابة صدر، والتعامل مع الأفكار والقضايا التى لا يتم الاتفاق عليهاأو الاجماع حولها من باب المصلحة العليا للأمة الاسلامية.
إن الاسلام لم يكن يومًا دين أحقاد أوفتنة أو تجييش لفئة ضد أخرى مهما تعمقت الاختلافات وتباينت وجهات النظر، حيث أعطى الدين الإسلامى الحنيف أهمية بالغة للحوار بين كل الأطراف المختلفة مهما تشعبت القضايا فيما بينهم.
هذا وبقدر تكريسه لثقافة الحوار والتشديد على أهميته بقدر حرصه على أن يتم ذلك فى إطارمن الشفافية والاحترام والأخلاق الرفيعة، لتفادى النزول إلى المستوى المتدنى فى طريقة وأسلوب الحوار وذلك مُنذ فجر الإسلام، ولنا فى هذا المجال وفى القرآن الكريم وسيرة الرسول -صلى الله عليه وسلم -شواهد وقصص كثيرة تحث علىاعتماد الحوار كمبدأ لحل الخلافات بين العديد من الفرق والمذاهب والحساسيات مهما تباينت مشاربها، فالإسلام لم يدع يومًا إلى حل الخلافات، أو الاختلاف فى الرأى، أو الفكر بالحروب والسلاح، لأنه دين ينبذ الإرهاب الفكرى والمادى على حد السواء بل دعاإلى حلها بالحوار والإقناع ولا أدل على ذلك من قول الرسول صلى الله عليه وسلم: “وجادلهم بالتى هى أحسن”.
وحتى وأن سمعنا عن تطرف البعض هنا أوهناك فإنه لا يعدو أن يكون ذلك مجرد حالات شاذة تبرز بين الفينة والأخرى لأسباب عدة يطول حصرها من أهمها وبالدرجة الأولى: الابتعاد عن تطبيق التعاليم والقيم والمبادىء الإنسانية النبيلة التى جاء بها ديننا الحنيف، والتى دعانا إلى تكريسها على أرض الواقع، لذلك لابد أن ندرك أن الخلل ليس فى منظومة هذا الدين العظيم بل هو فى التطبيق وفى الشخوص، لذلك وجب الابتعاد بالدين عن كل التجاذبات، فالمتعمق فى الدين الإسلامى الحنيف يدرك حتمًا أنه دين السماحة والحلم والرحمة .