جودة الفارس
فُتحت أفريقيا مرتين، إحداها في صدر الإسلام بقيادة عقبة بن نافع حيث نشر الإسلام فيها، والثانية في زماننا على يد الداعية الكويتي عبدالرحمن السميط (أبو صهيب) -رحمه الله- حيث جدد الفتح الإسلامي لها.
لقد توفي فاتح أفريقيا وداعي الإسلام فيها وناشر الخير لأهلها وحبيب شعوبها قاطبة الشيخ الدكتور الزاهد العم المرحوم -بإذن الله- عبدالرحمن السميط ولا نقول إلا ما يرضي الله عز وجل، إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراقك يا أبا صهيب لمحزونون، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
نعم توفي رحمه الله وهذه سنة الله في خلقه ولكن بقيت أعماله الكبيرة وآثار جهوده العملاقة ونتائج دعوته العظيمة شاهده له في الدنيا، ونسأل الله أن تكون شاهدة له في الآخرة وتشفع له عند الله سبحانه.
خمسة وعشرون عاما قضاها في سبيل الله.. أسأل الله أن يكون ممن استعمله الله في طاعته، فإنني والله أغبطه على ذلك، ولم لا أغبطه وقد قضى عمره في الدعوة إلى الله تعالى وهي أسمى وأفضل وأشرف عمل، فدخل غير المسلمين في الإسلام على يديه، وبسببه أسلم أكثر من أحد عشر مليون شخص، وقد قال نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم “لئن يهدي الله بك رجلًا واحدًا خير لك حمر النعم” وفي رواية “خير لك مما طلعت عليه الشمس أو غربت”.
لقد بنى آلاف المراكز الإسلامية في هذه القارة المترامية الأطراف، وهي لا شك تقوم بنشر العلم وتحفيظ القرآن الكريم، وهي صدقة جارية. قال صلى الله عليه وسلم “خيركم من تعلم القرآن وعلمه” وكذلك “إن الله وملائكته وأهل السماوات والأرض حتى النملة في جحرها وحتى الحوت ليصلون على معلم الناس الخير”. كما قام بحفر آلاف الآبار، وقد قال صلى الله عليه وسلم “أفضل الصدقة سقي الماء” وبنى المساجد، وقد قال صلى الله عليه وسلم “من بنى لله مسجدا بنى الله له بيتا في الجنة”، وكفل آلاف الأيتام وقد قال صلى الله عليه وسلم: “أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين” وأشار بأصبعيه السبابة والوسطى وفرق بينهما.
وسعى على الأرملة والمسكين، وقد قال صلى الله عليه وسلم “الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله”.
لن أطيل عليكم فكلكم يعرف ما قام به من أعمال أخرى خيرية كبيرة وتعرفون ما وعد الله به فاعلها من الخير الكثير.
وصحيح أنه كان يقوم بهذه الأعمال بأموال المتبرعين لكنه بإذن الله مشاركهم بكل ما دفعوا مصداقًا لقوله صلى الله عليه وسلم “الدال على الخير كفاعله”.
وفوق ذلك فقد كان ينفق من ماله الخاص، وخير دليل عندما تم تكريمه من قبل جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام فقد تبرع بمكافأتها – 750 ألف ريال سعودي – لتكون نواة للوقف التعليمي لأبناء أفريقيا، ومن عائد هذا الوقف تلقت أعداد كبيرة من أبناء أفريقيا تعليمها في الجامعات المختلفة.
وربى أبناءه على العطاء والبذل بل والدعوة معه في أفريقيا فزوجته كانت تشاركه السفر إلى هناك وولده الدكتور صهيب وفقه الله.
رحمك الله يا أبا صهيب وجعل مثواك الجنة وجمعك الله مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.
أشكر صاحب السمو أمير البلاد المفدى حفظه الله على أمره السامي بتسمية مسجد الدولة الكبير باسم “مسجد عبدالرحمن السميط” تقديرا ووفاء لهذا الداعية الكبير ولما قام به من جهود في خدمة الإسلام والمسلمين وخدمة بلده الكويت التي نشر اسمها واسم أهلها المتبرعين على مشاريعها الكثيرة في أفريقيا.