

عبدالله القرشي
يسألك الشاب هذه الأيام – وفي صدره مثل المِرجل -: ما الحل في ما يحدث لإخواننا في غزة؟ ماذا يجب أن نعمل تجاه هذا الظلم الكُبّار والسكوت العالمي الرهيب؟ هل يجوز أن نكتفي بالمشاهدة ونحن نسمع صراخ الأطفال وعويل النساء دون مجيب أو مغيث ؟!
تحاول أن تقدم جوابا لهذا الشاب المتحرق غيرةً على إخوانه، والنازف دمًا على المضطهدين والمظلومين.. وتتحدث معه طويلًا، ويهز رأسه مجاملة وحياء، وفي عينيه.. لا زالت الحسرة هي الحسرة، والحيرة هي الحيرة! هذا الشاب.. لن تهدأ جذوته ببعض الكلام المرصوف، وسيظل يبحث عن طريق يُمكّنه من تقديم شيء لإخوانه المظلومين، الذين يرى مأساتهم رأي العين، ويسمع بكاءهم في يقظته ومنامه. وغالبا ما يذهب هذا الشاب الصادق الغيور ضحيةً للجماعات الغالية، التي تخاطب حرقته، وتقدم له جوابا عمليا بسيطا يُشعره بأنه جزء مهم من الحل والحركة والإيجابية، وليس جزءا مهملا من الجمهور البارد المكتفي بالمشاهدة والمراقبة. فإذا تلقفته الجماعات الغالية فلا تسأل عن هذه العاطفة النقية، والإيجابية الصادقة، كيف تتحول إلى طاقة تهدم في الأمة، وتقاتل أهل الإسلام وتترك أهل الأوثان، وترى أنها بجهادها هذا تبدأ بالمرتدين الأكثر خطرا من الكفار الأصليين.
ألم يكن هذا الشاب بين أظهرنا ينتقل من شيخ إلى شيخ، ومن مفكر إلى مفكر، يريد عملا يقدمه، ثم تركناه حتى تخطفته الأيادي البعيدة؟! ألم تكن هذه العاطفة بِنَقاء الماء ينزل من السماء، فتركناه يجتمع دون سياسة ورعاية حتى أصبح سيلًا عرما ينشر الخراب والدمار؟!
إن كل الجهود المبذولة لكشف الضلال في الجماعات الغالية تذهب هدرا أمام المجازر اليومية من هؤلاء الصهاينة، والسكوت العجيب من المؤسسات الحكومية والمدنية. إن الجماعات الغالية حين تقول لهؤلاء المظلومين: لبيك، تخطف قلوب الشباب المتحمس وينسى كل الكلام الذي سمعه ضدهم.
نتساءل عن الإرهاب، نتساءل عن القدرات الفائقة في كسب الشباب وغسل عقولهم، وننسى أن نشرات الأخبار اليومية كافية لأن تحول الشاب إلى مريض نفسي من فرط الحزن والإحباط، أو تحوله إلى قنبلة موقوتة من فرط مشاعره المحتشدة التي لا تجد ثقب إبرة في التنفيس والتجاوب.
إن لإخواننا المظلومين المستغيثين حقًّا في رقابنا، ومتى ما تشاغلنا عن أصواتهم فإننا سنبتلى بأمرين: خذلان من الله في موطن نحب فيه النصرة، «ما من امرئٍ يخذل امرءًا مسلمًا في موطنٍ يُنتَقَصُ فيه من عِرضِه، ويُنتهَكُ فيه من حُرمتِه، إلا خذله اللهُ تعالى في موطنٍ يحبُّ فيه نُصرتَه» (صحيح الجامع). والأمر الثاني: التحاق المزيد من الشباب للجماعات الغالية التي ترى الطريق إلى القدس يبدأ بقتالنا وتدميرنا!
إننا لا نطالب بشيء مستحيل، نطالب أن نساعد إخواننا المظلومين كما يساعد الصهاينة إخوانهم الظالمين، لا نريد أن نزيد عليهم! لقد أقر الكونغرس الأمريكي تخصيص مبلغ عاجل وقدره 225 مليون دولار لدعم إسرائيل في القبة الحديدية!
والدعم على المكشوف.. ونحن نخجل أن ننهض لنداوي جريحنا، ونطعم جائعنا، ونغيث ملهوفنا، ونكسر الحصار الجائر على شعب كامل. ويلٌ لنا من المستقبل إن استطاع الصهاينة أن يوصلوا دعمهم للظلمة، وتقاعسنا عن مساعدة المظلوم بما نستطيع.